علوم وابحاث

برهان يستلزم خالقا

 أنظر إلى العالم حولك. أنظر إلى الشمس والنجوم والسموات، وسبّح الله الخالق. فهذا الكون الفسيح لم يوجد من قبيل الصدفة، كما أنه ليس من قبيل الصدفة أن تكون أرضنا المكان الوحيد الملائم للحياة. كذلك، ليس من قبيل الصدفة أن تكون المسافة التي تفصل بين ارضنا والشمس هي التي تجعل من أرضنا الكوكب الوحيد المناسب لوجود الحياة ولإزدهارها. 

ليس من قبيل الصدفة أن يكون محور دوران الأرض مائلا 5, 23 لتتكون الفصول الأربعة، أو أن تدور الأرض مرة واحدة كل 24 ساعة لكي ينتج من ذلك ظاهرة النهار والليل التي تتكرر من دون كلل او ملل. ولا من قبيل الصدفة أن يكون غلافنا الجوي، بسماكته وتكوينه، مناسبا تماما ليحجب عن الأرض الأشعة ما فوق البنفسجية والأشعة الكونية المضرة بالحياة. 

تأمل قليلا في الدماغ. فالدماغ البشري يعرف بسموه على أحدث أنواع الكومبيوتر في العالم وأكثرها تعقيدا. وهو يتكوّن، كما هو معروف اليوم، من نحو 12 مليار خلية عصبية. وكل خلية عصبية ترتبط بنحو 10 آلاف خلية عصبية أخرى، ما يجعل مجموع عدد الإرتباطات داخل الدماغ البشري يبلغ 120 تريليون. وهذا يشكّل، ولا شك، أكثر الأنظمة تعقيدا المعروفة عند الإنسان. 

وماذا نقول فيما يخص العين؟ فعندما فكّر داروين في العين، شعر بضرورة كتابة ما يلي: "أنا أعترف بصراحة بأنه من السخافة إلى أقصى حد أن نفترض أنه كان بإمكان العين أن تتكون على أساس الإنتقاء الطبيعي". هذه هي شهادة صاحب نظرية النشوء. كل ما في العالم حولنا يدعو إلى وجود مصمم : مصمم عظيم وقادر على كل شيء باستطاعته التنسيق بين كل شيء. أجل، كل شيء، يدعو إلى وجود خالق. "السموات تحدّث بمجد الله والفلك يخبر بعمل يديه" (المزمور 19 : 1). 

أيّها القّارىء الكريم، إذا كنت ما زلت متقلقل بشأن هذه القضية، فآمل أني تمكّنت من توجيه أفكارك وذهنك لإعادة النظر في قضية الخلق بحسب وحي الكتاب المقدس. وإن كنت تنوي تقصّي هذا الأمر بجديّة، فلدّي بعض الأخبار السارة التي أزفّها لك. إن خالق هذا الكون، الرب يسوع المسيح، الذي به كان كل شيء، هو الخالق الذي يحمل الكون بأسره في يد، ويحملك في اليد الأخرى. هذا الخالق يهتم بك على قدر اهتمامه بكل خليقته، إذ خلقك على صورته لتحيا معه إلى الأبد.

لقد رأينا مقدار دقّة كلمة الله. فالكتاب المقدس يخبرنا بأن آدم وحواء عصيا الله في جنة عدن. كما يخبرنا أيضا بأن الخطية دخلت العالم منذ ذلك الوقت، وبأن "الجميع أخطأوا وأعوزهم مجد الله " (رومية 3 : 23) وهذه اللفظة "الجميع" تشملك أنت كما تشملني أنا أيضا. يقول الله أيضا: "اجرة الخطية هي الموت" (رومية 6 : 23) إذا لا نقدر أن نرجع إلى الله القدوس ما دمنا في خطايانا. ولا يمكننا الاقتراب منه بواسطة أعمالنا الصالحة لأنها "كخرق بالية" (اشعيا 64 : 6) الله في محبة العظيمة لنا، أعدّ سبيلا لخلاصنا. لقد أرسل ابنه، الرب يسوع المسيح، إلى عالمنا هذا. عاش الرب الحياة الكاملة الخالية من أية خطية، وبات بالتالي الشخص الوحيد القادر أن يعيدنا إلى الله القدوس. 

الرب بيّن محبته إذ ارتضى، بدل اكليل المجد، بأن يضعوا على رأسه إكليلا مضفوراً من شوك أدمى رأسه الطاهر. كما قبل بصيحات الجموع الغاضبة في أورشليم : "اصلبه، اصلبه"، عوضا عن التسابيح التي كانت ترفعها له الملائكة في السماء هاتفة: "قدوس، قدوس، قدوس". لقد ارتضى بأن يحمل صليبه إلى المكان المسمّى جلجثة، إلى تلة الموت. ثم ارتضى بأن يسمّره على الصليب أناس كانت يداه قد صنعتهم من التراب. وذلك كلّه لأنه أحبنا. هناك دفع الرب، المعلّق بين الأرض والسماء، ثمن خطاياك وخطاياي عندما جعل الله خطايانا على ابنه خلال ساعات الظلمة تلك، والتي بلغت أوجها عندما صرخ الرب وهو على الصليب: "قد أكمل". وهكذا بات السبيل لخلاصنا مشرّعا أمام كل من يشاء. وقد أظهر الله قبوله لذبيحة ابنه أذ أقام الرب يسوع من الأموات في اليوم الثالث منتصرّا على الخطية والشيطان والموت. "أين شوكتك يا موت؟ أين غلبتك يا هاوية؟" (1 كورنثوس 15 : 55) 

هذا الخالق بإمكانه أن يكون مخلّصك الشخصي أن كنت تؤمن بما عمله على الصليب من أجلك، وتسأله أن يغفر لك خطاياك ويسكن داخل قلبك. 
إني أدعوك إلى اتخاذ هذا القرار الآن . فإن كنت من أنصار عملية الخلق وإن كنت تقبل الخالق مخلّصا لك فتكون إذ ذاك قد وجدت الحق الذي تبحث عنه، علما أن الرب يسوع صرّح بالقول : "أنا هو الحق" (يوحنا 14 : 6) . وإيجاد الحق يعني إيجاد الحرية لأن الرب قال أيضا: "وتعرفون الحق والحق يحرركم" (يوحنا 8 : 32) . هذه هي الحرية الحقيقية: الحرية من سلطة الخطية والشيطان، والتحرر من الخوف من ذلك المجهول المسمى الموت. 

وهل هناك أفضل من كلمات الخالق نفسه في الكتاب المقدس لتلخيص كل ما سبق: "في البدء خلق الله السموات والأرض" (تكوين 1 : 1)، و "هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية" (يوحنا 3 : 16).

الحقوق محفوظة لموقع مسيحيات - ٢٠١٨