سؤال و جواب

هل تحرف الكتاب المقدس؟

 هل تم تحريف الكتاب المقدس ؟ وليس هل لم يتم تحريفه ؟  فهل يجوز لنا أن نذهب إلى الشارع ونأخذ إنساناً بريئاً إلى المحكمة ثم نطلب منه أن يدافع عن نفسه بإثبات براءته ؟!  إن الوضع الطبيعي هو - وكما يقول القضاة – أن تكون البينة على من ادعى فمن يتهم شخصاً بشيء عليه أن يثبت التهمة وليس العكس فالمتهم بريء حتى تثبت إدانته لذلك فإن المنهج العقلي السليم هو أن يكون الشخص الذي يضع الاتهام هو من يحضر الأدلة وليس العكس (وطبعاً نحن لا نقصدك أنت بذلك بل من يتهم الكتاب المقدس ويطلب من الآخرين الدفاع عنه ) لذلك فإن من يدعي أن الكتاب المقدس محرّف فعليه أن يكون قادراً على الإجابة بوضوح عن عدة أسئلة وأنت تكون إجاباته وافية ومقنعة للمنطق العقلي السليم ، وهذا شيء نعتقد أنك توافقنا عليه لذلك فإن من يرفض ما يقوله الكتاب المقدس ويحكم على الكتاب المقدس بأنه محرف فقط لأنه لا يتوافق مع معتقداته وما يؤمن به فهذا الشخص يكون قد قرر أن يلغي عقله ويضع رأسه في الرمل ومع أننا نحترم هذا الشخص ونحبه ولكننا لا نستطيع أن نتناقش معه بموضوعية ويكون هناك احتمال كبير أن ينتهي النقاش بطريق مسدودة ، لذلك وبحسب المنطق العقلي السليم فإننا نسأل من يدّعي أن الكتاب المقدس تم تحريفه عدة أسئلة كالتالي :

 

1 – متى وقع التحريف المزعوم ( مع ذكر سبب تحديد هذه الفترة ) ؟

2 – أين تم التحريف ( أسم المنطقة أو المدينة ) ؟

3 – أين المواقع التي لحقها التحريف ( حدد الآيات التي حرفت ) ؟

4 – من الذي قام بالتحريف ( حدد الأسماء والجنسيات ) ؟

5 – لماذا حصل التحريف ( حدد الدوافع وراء ذلك ومن المستفيد ) ؟

6 – كيف تمكن المحرِّفون من تحريفه مع كونه منتشرا" انتشارا" هائلا" بأعداد كبيرة من النسخ ، بين أيدي كثير من الناس في مختلف أنحاء العالم ؟ وكيف سكت العارفون بوقوع التحريف على ذلك ؟

7 – أين هو الأصل ؟ وما هو الدليل على صحة ذلك الأصل ؟ فكيف يمكن قياس التحريف المزعوم ؟ أين هي النسخ التي يدعى أنها أقدم من النسخ الموجودة لدينا اليوم ، وتظهر اختلافا" عنها لنتأكد من وقوع التحريف فعلا" ؟ لم لا يستطيع أحد أن يقدم دليلا" ملموسا" على هذا التحريف ؟

8 – أين كان الله عندما تم هذا التحريف ؟ هل وقع رغماً عنه أم بإذنه ؟ هل كان نائماً أم ضعيفاً أم غير مبال ؟

     وإنه ليحق لنا أن نسأل عن سبب قبول الكثيرين لهذا الزعم حتى بدون أن يكلفوا أنفسهم مشقة دراسة الكتاب المقدس . نحن نعتقد أنه حان الوقت لأن نبحث جادين عن الحق ؟ وإطلاق الأحكام العامة وعدم مواجهة المواقف ليس هو الحل الصحيح .

والحقيقة أن موضوع تحريف الكتاب المقدس إذا كان قد تم فعلاً فإنه يضع جميع الأشخاص الذين يؤمنون بالله في مشكلة خطيرة جداً وهي الشك في قدرة الله على حفظ كلامه ، ونقول حاشا فالله هو صاحب السلطان المطلق .

 فإذا كان الله قد أوحى بالكتاب المقدس وإذا كانت رسالة الله صحيحة فيه فإن مجيء أي رسالة أخرى بعده لا يتعارض مع وجود الأصل ولا تلغيه بل تبني عليه ولا تعارضه ، فمثلاً عندما جاء المسيح لم يلغي التوراة ولكن أكملها بأن أعطى الناس الصورة كاملةً ولم يحاول إخفاء الأصل بل بالعكس نجد المسيح يقول في إنجيل متى الإصحاح 5 والآيات 17- 18 :

" «لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأَنْقُضَ النَّامُوسَ أَوِ الأَنْبِيَاءَ. مَا جِئْتُ لأَنْقُضَ بَلْ لأُكَمِّلَ. "

بل إن المسيح يطلب من الناس أن يذهبوا إلى التوراة وما تم كتابته فيها فنقرأ في إنجيل يوحنا الإصحاح 5 والآيات 45- 47 :

" لأَنَّكُمْ لَوْ كُنْتُمْ تُصَدِّقُونَ مُوسَى لَكُنْتُمْ تُصَدِّقُونَنِي، لأَنَّهُ هُوَ كَتَبَ عَنِّي. فَإِنْ كُنْتُمْ لَسْتُمْ تُصَدِّقُونَ كُتُبَ ذَاكَ، فَكَيْفَ تُصَدِّقُونَ كَلاَمِي؟». "

ولنحاول أن نتفحص معاً بعض الأسئلة التي طرحناها سابقاً ؟

- لندع الأرقام تتكلم :

لا يوجد في كل العالم كتاب يضاهي الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة المُكتشَفة (والمقصود بالمخطوطة نسخة تحتوي على جزء أو كل النص المأخوذ من الأصل ) :

فهناك نحو 5300 مخطوط يوناني قديم للعهد الجديد.

بالإضافة إلى 10000 نسخة من الفولجاتا (الترجمة اللاتينية للكتاب المقدس).

وما لا يقل عن 9300 من المخطوطات القديمة (بخمس عشرة لغة مختلفة)*

أما الكتاب الذي يلي الكتاب المقدس من حيث عدد المخطوطات القديمة فهو قصيدة الإلياذة للشاعر الإغريقي هوميروس. واكتشف لها فقط 643. فتصور الفارق الهائل بين 24600 وبين 643 وهو الفارق بين مخطوطات الكتاب المقدس ومخطوطات الكتاب التالي له مباشرة !!

ولهذا فقد قال أحد العلماء إننا لو اعتبرنا الكتاب المقدس مجرد عمل أدبي قديم وأخضعنا مخطوطاته القديمة للبحث النقدي، فإننا باستخدام اختبارات ومعايير دقيقة متنوعة سيتضح لنا أن الكتاب المقدس هو أكثر الكتب في العالم على الإطلاق مدعاة للثقة بنصوصه، بحيث أن الناقد الذي يطعن في صحة الكتاب الذي بين أيدينا لتشككه في مخطوطاته، فإنه سيتحتم عليه، بناء على نفس المعايير التي استخدمها، أن يرفض كل الأعمال الأدبية القديمة الأخرى !.

إن المخطوطات العبرية المكتشفة للعهد القديم تعد بالـمئات. والعجيب أن هذه النسخ اكتشفت في أماكن متفرقة في العالم، كما اكتشفت على فترات زمنية متباعدة، ويرجع تاريخها إلى أزمنة مختلفة، إلا أنه عند مقابلتها معاً وجدت متطابقة. ولقد قام بعض العلماء بفحص ما يزيد عن خمسمائة من هذه النسخ فوجدت في تمام المطابقة رغم تباعد البلدان التي اكتشفت فيها، وتباعد الأزمنة التي ترجع إليها مما يثبت صحتها جميعاً.

أما بالنسبة لأسفار العهد الجديد، فبالإِضافة إلى المخطوطات القديمة جداً والتي يرجع تاريخها إلى ما بعد أيام الرسل مباشرة، فإنه لدينا ما اقتبسه الآباء ( أي المسيحيون الأوائل ) من الكتاب المقدس الذي وُجد أنه يغطى تماما كل آيات العهد الجديد باستثناء 11 آية فقط !!

الكتاب المقدس لا يريد أن يثبت نفسه تاريخياً بل الله يريد أن يخاطبك الكتاب المقدس أنت شخصياً فيتكلم عن حاجة الإنسان إلى الخلاص من الخطية ... وهذه هي مشكلة الإنسان الحقيقية فمشكلة الإنسان ليست أن يعرف " الديانة الصحيحة " ولكن مشكلته الحقيقية هي أنه أي " ديانة صحيحة " لا يمكن أن تجعله " إنساناً صحيحاً " ولكي نوضح كلامنا أكثر نقول أن الإنسان لا يحتاج أن يعرف الطريق الصحيح ، ولكن المشكلة هي أن الإنسان لا يستطيع أن يسلك بالطريق الصحيح حتى لو عرفه والسبب الأساسي هو كلمة خطيرة في الكتاب المقدس هي ... الخطية

في الحقيقة أن الكتاب المقدس يقول أن الإنسان مريض مرضاً خطيراً وهو الخطية بل يقول السيد المسيح أن الخطية أيضاً تستعبد الإنسان :

"الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَعْمَلُ الْخَطِيَّةَ هُوَ عَبْدٌ لِلْخَطِيَّةِ."

 إنجيل يوحنا الإصحاح 8 والآية 34

نعم إن الخطية هي عبودية والإنسان يحارب في مختلف أنحاء العالم بحثاً عن الحرية ويقدم في سبيل ذلك الغالي والنفيس ولكن نسي للأسف العبودية التي تربض وتسيطر في داخله والتي تسيطر على قلبه وأفكاره وتجعله مستعبداً لرغباته وشهوات قلبه الشريرة .

"اَلرَّبُّ مِنَ السَّمَاءِ أَشْرَفَ عَلَى بَنِي الْبَشَرِ، لِيَنْظُرَ: هَلْ مِنْ فَاهِمٍ طَالِبِ اللهِ؟الْكُلُّ قَدْ زَاغُوا مَعًا، فَسَدُوا. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحًا، لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ."

بينما يقول الكتاب المقدس عن الله في سفر حبقوق الإصحاح 1 والآية 13 :

" عَيْنَاكَ أَطْهَرُ مِنْ أَنْ تَنْظُرَا الشَّرَّ ... "

ولو فحص كل واحد منا حياته اليومية لأدرك بسرعة أن جزءاً كبيراً من الآيات السابقة ينطبق فعلياً على حياته وأن الخطية تسيطر فعلاً على أجزاء كبيرة من حياتنا رغم أننا أحياناً نحاول مقاومتها وأن نعمل الصلاح ولكن  

الحقوق محفوظة لموقع مسيحيات - ٢٠١٨